التسميات

الأحد، ٢٠ مايو ٢٠٠٧

الشرق - وقفة أمام التجنيس السياسي في البحرين - ع�

وقفة أمام التجنيس السياسي في البحرين - عبدالرحمن محمد النعيمي
الشرق| تاريخ النشر:يوم الأحد ,3 سبتمبر 2006 1:39 أ.م.

في ذكرى حل المجلس الوطني (26 اغسطس 1975) كان الحديث الاساسي وسط المواطنين هو حملة التجنيس الكبيرة للآلاف من الآسيويين والعرب بحيث طغت على سائر الهموم المعيشية والخدماتية التي كان ابرزها الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي عن اماكن كثيرة في البحرين، وجريمة القتل البشعة التي جرت في المحرق !!
يتساءل البعض عن سبب اندفاع الحكم إلى تجنيس عشرات الآلاف من الاخوة العرب والآسيويين، وهل يعود ذلك إلى احتياج جزر البحرين إلى المزيد من السكان والى كفاءات محددة يصعب الحصول عليها من بين ابناء البلاد، ويشكل تجنيسها مكسباً علمياً واقتصادياً تسعى الكثير من بلدان العالم المتقدمة اليه، ام يعود ذلك إلى النخوة القومية والاممية التي يتمتع بها الحكم في البحرين بحيث يتكرم بوثيقة الجنسية على الاخوة العرب والاصدقاء من البلدان الاوروبية والآسيوية!؟ ام ان السبب الحقيقي يكمن في العلاقة غير السوية بين الحكم وكافة ابناء البحرين الذين عرف عنهم انتفاضاتهم المتكررة مطالبين بحقوقهم السياسية والاقتصادية، وباتت البحرين نموذجاً للحركة السياسية الرافضة لنمط الحكم العشائري السائد والمطالبة بتطبيق ما قاله اقطاب الحكم منذ سنوات قليلة حول المملكة الدستورية على غرار الديمقراطيات العريقة ؟

لن نعمد إلى التفاصيل.. فقد كشفت المعارضة السياسية في البحرين في العديد من الندوات والوثائق عن أبعاد التجنيس السياسي، وطالبت الحكم بالتوقف عن هذه السياسة الخطرة التي لا تخدم تطوير الاوضاع المعيشية للمواطنين من جهة ولا تخدم الامن والاستقرار الذي ينشده الجميع، بالاضافة إلى انعكاساتها الخليجية وتفاعلاتها الاقليمية.

فخلال السنوات العشر الاخيرة، وبشكل محدد منذ الانتفاضة الشعبية التي شهدتها البحرين منذ نهاية العام 1994، وصل الحكم إلى قناعة بضرورة التغيير التدريجي للتركيبة الديموغرافية للبلاد، وذلك بجلب آلاف من الاخوة السوريين والاردنيين واليمنيين للعمل في القوات الخاصة والاجهزة الامنية وتجنيسهم واعطائهم امتيازات كثيرة لا يوفرها لغالبية المواطنين، وذلك على اساس طائفي حيث يرى في الشيعة خطراً داخلياً لكونهم يشكلون غالبية السكان ولكونهم العمود الفقري لقوى المعارضة السياسية.

وحيث اتخذت الجمعيات السياسية الاربع (الوفاق، العمل الديمقراطي، التجمع القومي، العمل الاسلامي) التي قاطعت انتخابات 2002 قرار المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة، فقد استنفر الحكم كل امكانياته لوضع العراقيل أمام مرشحي هذه الجمعيات او الشخصيات المعارضة، وضمان وصول مؤيدي الحكم الى المجلس النيابي، ومن ضمن هذه الخطوات تجنيس آلاف من الاسيويين والعرب خلال الاسبوعين الماضيين، وبالتالي السماح لهم بالمشاركة في الانتخابات!! مما أثار معارضة ونقمة المواطنين من مختلف المناطق حيث إن قضية التجنيس السياسي هي من القضايا المرفوضة شعبياً من قبل الجميع.

وتثير هذه السياسة التي تتبعها حكومة البحرين الجدل خليجياً، نظراً لقلة سكان الكثير من مناطق الخليج، وتدفق العمالة العربية والاجنبية الى هذه المنطقة، وتشوق الكثيرين للحصول على جنسية احدى هذه الدول النفطية.. بل ودعوة الكثير من القوميين العرب الى فتح الابواب على مصراعيها للاخوة العرب من اليمن وبلاد الشام ووادي النيل بحيث نحافظ على الهوية القومية لهذه المنطقة، ويتم التحكم بتدفق العمالة الاجنبية التي قد تجعل هذه الامارات الصغيرة المتناثرة سنغافورات لا علاقة لها بأرومتها القومية.

ونحن من انصار وضع سياسة تخدم الحفاظ على عروبة المنطقة والتحامها مع قضايا الامة، وبحيث تستفيد كل البلدان العربية من هذه الثروة، بل اننا من انصار الوحدة الاقتصادية وتحرير سوق العمل عربياً، بل ونرى أهمية كبيرة للاستفادة من الكثير من الطاقات والكفاءات الاجنبية وتوطينها وتجنيسها على غرار ما نراه في الكثير من البلدان الديمقراطية في اوروبا وامريكا، ولكن ذلك شيء .. وما تقوم به حكومة البحرين شيء آخر..

فحكومة البحرين لا تلتزم بقانون الجنسية الذي وضعته حيث يسمح للاجنبي المقيم لمدة 25 سنة طلب الجنسية، اما العربي فيمكن ان يحصل عليها بعد عشرين سنة من الاقامة.. ولا تنطلق من موقف قومي او أممي سليم، وانما تريد تغيير التركيبة الديمغرافية، بحيث يتشكل شعب آخر على مدى عقود قادمة (تجربة سنغافورة التي يرددها باستمرار كبار المسؤولين، وكنا واهمين بأنهم يريدون السير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على غرار سنغافورة، لكن اهتمامهم غير ذلك)، دون الاهتمام بالمشاكل المعيشية والاقتصادية التي تعيشها قطاعات كبيرة من ابناء البلاد، ودون اهتمام بوضع سياسة قومية لدمج المجنسين الجدد، خاصة من غير العرب.

ولا يقتصر استنكار هذه السياسة على المواطنين في البحرين، بل امتدت الى حكومات دول مجلس التعاون الخليجي التي لا توافق حكومة البحرين على هذه السياسة وترى ضرورة وضع الضوابط والاتفاق عليها خليجياً.
ومن ناحية اخرى، يزداد التذمر الشعبي من تدفق العمالة الاجنبية خاصة من القارة الهندية، ضمن الاستثمار اللانساني لرخص العمالة من تلك المناطق، في الوقت الذي يعاني عشرات الآف من المواطنين في البحرين من مشكلة البطالة المرتبطة بتدني الاجور وبالتالي الفقر الذي تعاني منه الطبقات الفقيرة المحلية.. واذا ربطنا هذه الامور مع الموقف الامريكي الذي يريد استثمار وجود العمالة الاجنبية لفرض شروط سياسية على دول الخليج، وخاصة في موضوع العلاقة مع الكيان الصهيوني والموافقة على مشاريعه العدوانية التي اتضحت بجلاء في لبنان في الفترة الاخيرة، فان حكومة البحرين تريد ان تقدم نفسها للامريكان والدول الاوروبية بأنها أكثر اهتماماً بالعمالة الاجنبية والاكثر رعاية لهم والاكثر اندفاعاً لتجنيس آلاف منهم للبرهنة على اختلافها مع بقية الدول الخليجية، وبالتالي غض الطرف عن سياستها العرجاء بعد الانقلاب الدستوري الذي قامت به في الرابع عشر من فبراير 2002 والذي برهن عجز الحكم عن تجاوز مخاوفه واغلاق ملف الشكوك التاريخية بينه وبين الغالبية الساحقة من ابناء البلاد.

ملف التجنيس السياسي مطروح امام الامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، وامام القادة الخليجيين.. ومن الضروري ان يقولوا كلمتهم في ذلك.. اضافة الى ملف ازدواجية الجنسية (لعشرات الآلاف من الاخوة السعوديين فقط، وباتجاه واحد!!) الذي تصر حكومة البحرين على العمل به كورقة رابحة في صراعها ضد المعارضة!!

ليست هناك تعليقات: