التسميات

السبت، ١٩ مايو ٢٠٠٧

التجنيس.. رؤية خليجية مشتركة أم تغريد خارج السرب


إذا كان التجنيس في البحرين، اليوم، يهدد الأمن الوطني لدول الجوار ويجعلها تلوح بحظر دخول البحرينيين إلا بـ’’فيزا’’ كإشارة قوية من دول المجلس الذي نفخر بالانتماء إليه، على أننا لم نعد نتشارك معهم في رؤاهم الأمنية والمستقبلية، ويجعلنا نتساءل: هل يستحق التجنيس كل هذا العناء؟ وترى ألن يتحول بدوره (التجنيس) إلى خطر يهدد الأمن الوطني البحريني باعتبار الأمن الوطني له أركان اجتماعية يتغلغل فيها التجنيس وأبعاد اقتصادية نال منها التجنيس نيلاً لا يستهان به
ريم البوعينين - صحيفة الوقت البحرينية

ريم
رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني أكد أن من نتائج الزيارة التي قام بها الوفد البرلماني الكويتي وجلسة المباحثات التي عقدت بين الطرفين، الاتفاق على أولويات العمل البرلماني الخليجي على المستوى المحلي وعلى المستوى الدولي، كما تم تناول مستقبل الدول الخليجية في ظل الزيادة السكانية وسياسة منح الجنسية للأجانب.

ولعل ذلك يتزامن مع كثير من الأقاويل بوجود نية لدولة الكويت بفرض ‘’فيزا’’ دخول أراضيها على المواطنين البحرينيين، إثر ما تردد عن نية البحرين تجنيس عدد من الإخوة العراقيين كرسالة واضحة الفحوى من الكويت بأن التجنيس في البحرين بلغ حداً لا يمكن السكوت عنه لا محلياً فحسب وإنما إقليمياً كما بدا من رد الفعل على الجانب الكويتي.

وبغض النظر عن صحة ما تردد بشأن تجنيس العراقيين والذي نفته وزارة الداخلية، إلا أن المشكلة لا تكمن في كون المجنسين الجدد عراقيين أم يحملون أية جنسية أخرى، وإن كان تجنيس العراقيين أعطى لدولة الكويت ذريعة مقبولة إلى حد ما للتدخل والاعتراض على التجنيس أكثر لأسباب لا تخفى على أحد. هذا الاعتراض مقبول منطقياً فكثير من الجنسيات العربية والآسيوية لا تتمكن من دخول الكويت إلا بإجراءات طويلة تنتهي بـ’’فيزا’’ تخولهم بدخول أرض الكويت، وللكويت العذر في ذلك، فما حدث لها في التسعينات لايزال قابعاً في الذاكرة، وبالتالي أمنها الوطني يحتم عليها أن تتخذ التدابير اللازمة لحمايته بالسيطرة على من يفد أرضها بتقنين أساليب الدخول على كل من تستشعر منه أنه يمس بأمنها، خصوصاً أن الذاكرة الكويتية الجماعية زاخرة بمواقف مخزية لدول وشعوب عربية إبان الغزو العراقي لها أظهر قدراً من الحقد تجاه الكويت التي أعطت العروبة بسخاء لم يفقْه سوى سخاء بعض الدول بحقدها الذي تجلى بمواقف غير مشرفة البتة إزاء الكويت. ذلك الجرح لايزال غائراً، وكي لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، حري بالكويت أن تحافظ على أمنها بما استطاعت من تدابير، فمفهوم الأمن الوطني له أبعاد اقتصادية واجتماعية وعسكرية وأيديولوجية إضافة إلى البعد السياسي في المنطقة الذي أثر على الأمن الإقليمي بشكل سلبي.
فالأمن الوطني جزء لا يتجزأ من الأمن الإقليمي، وفي ظل أوضاع إقليمية متوترة يتطلب الحفاظ على الأمن الوطني إجراءات وتدابير وقائية مضاعفة، فمنطقة الخليج مازالت تعيش أجواء التوتر الأمني لأسباب دولية وإقليمية، وقد تخللتها ثلاثة حروب كبيرة أثرت على استقرار المنطقة التي لم يساعد زوال النظام البعثي وإقامة نظام ديمقراطي تعددي في العراق على استقرار المنطقة، فتحولت القضية الأمنية إلى هاجس، خصوصاً أن الانفلات الأمني في العراق وفقدان السيطرة على الحدود العراقية ساعد على سهولة حركة كثير من العناصر الإرهابية في شبه الجزيرة العربية التي تعد الكويت جزءاً منها. أما حملة التجنيس التي استشرت في البحرين منذ منتصف التسعينات فقد زادت من تعقيد التدابير الأمنية المتخذة في دولة الكويت الشقيقة فجواز السفر البحريني يتيح لحامليه من المجنسين الجدد دخول الكويت من دون أية محاذير أو إجراءات كالتي تتخذ إزاء بني جلدته عند دخول الكويت، ما يعني أن التجنيس في البحرين يمس الأمن الوطني للكويت، وبالطريقة ذاتها يمس الأمن الوطني للملكة العربية السعودية التي تعاني من الهجرات غير الشرعية لليمنيين من حدودها نتيجة إجراءات الدخول الصارمة التي تطبقها على دخول اليمنيين إلى المملكة العربية السعودية، خصوصاً بعد استشراء ظاهرة الإرهاب على أراضيها.

وإذا كانت التوجهات الرسمية في البحرين تواصل التجنيس، فمازالت بهدف الحفاظ على الأمن الوطني للبحرين، والذي بدوره لا يتفق مع إجراءات الحفاظ على الأمن الوطني لدول الجوار. يعني أن الرؤية للأمن الوطني الذي يعد جزءاً من الأمن الإقليمي رؤية غير متفق عليها خليجياً، أو بتعبير أدق متفق عليها خليجياً عدا البحرين، فالوضع في الإمارات العربية المتحدة وقطر لا يختلف عن المملكة العربية السعودية والكويت، فكلاهما لا تيسر الحصول للعرب والآسيويين على الجنسية، ما يعني تقارباً بين رؤية الدول الأربع التي على رغم حاجتها إلى العمالة العربية والأجنبية للمساهمة في دفع عجلة التنمية فيها، إلا أنها لم تخاطر بهوية دولها ومواردها ودخلها القومي لتبذل جنسيتها للعرب والآسيويين، ما يعني أن البحرين وحدها تغرد خارج السرب وتضحي بهويتها ومواردها ودخلها بالتجنيس. وإذا كان التجنيس في البحرين، اليوم، يهدد الأمن الوطني لدول الجوار ويجعلها تلوح بحظر دخول البحرينيين إلا بـ’’فيزا’’ كإشارة قوية من دول المجلس الذي نفخر بالانتماء إليه، على أننا لم نعد نتشارك معهم في رؤاهم الأمنية والمستقبلية، ويجعلنا نتساءل: هل يستحق التجنيس كل هذا العناء؟ وترى ألن يتحول بدوره (التجنيس) إلى خطر يهدد الأمن الوطني البحريني باعتبار الأمن الوطني له أركان اجتماعية يتغلغل فيها التجنيس وأبعاد اقتصادية نال منها التجنيس نيلاً لا يستهان به. إن التلويح بحظر دخول البحرينيين إلى الكويت إلا بـ’’فيزا’’ حتى وإن لم تطبق إشارة صريحة تستحق أن تؤخذ في الاعتبار.


-----------------------
* كاتبة بحرينية









صحيفة الوقت البحريني
العدد 415 - الأربعاء 23 ربيع الأول 1428 هـ - 11 أبريل 2007

الرابط الإلكتروني:
http://www.alwaqt.com/blog_art.php?baid=3002

ليست هناك تعليقات: